responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 309
الْوَصْفُ الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَا يَتَطَرَّقُهُ الْبَاطِلُ وَلَا يُخَالِطُهُ صَرِيحُهُ وَلَا ضِمْنِيُّهُ، أَيْ لَا يَشْتَمِلُ عَلَى الْبَاطِلِ بِحَالٍ. فَمُثِّلَ ذَلِكَ بِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ.
وَالْمَقْصُودُ اسْتِيعَابُ الْجِهَاتِ تَمْثِيلًا لِحَالِ انْتِفَاءِ الْبَاطِلِ عَنْهُ فِي ظَاهِرِهِ وَفِي تَأْوِيلِهِ بِحَالِ طَرْدِ الْمُهَاجِمِ لِيَضُرَّ بِشَخْصٍ يَأْتِيهِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ فَإِنْ صَدَّهُ خَاتَلَهُ فَأَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ [الْأَعْرَاف: 17] .
فَمَعْنَى: لَا يَأْتِيهِ الْباطِلُ لَا يُوجَدُ فِيهِ وَلَا يُدَاخِلُهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُدْعَى عَلَيْهِ الْبَاطِلُ.
الْوَصْفُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْحِكْمَةِ وَهِيَ الْمَعْرِفَةُ الْحَقِيقِيَّةُ لِأَنَّهُ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ، وَلَا يَصْدُرُ عَنِ الْحَكِيمِ إِلَّا الْحِكْمَةُ: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [الْبَقَرَة: 269] فَإِنَّ كَلَامَ الْحَكِيمِ يَأْتِي مُحْكَمًا مُتْقَنًا رَصِينًا لَا يَشُوبُهُ الْبَاطِلُ.
الْوَصْفُ السَّادِسُ: أَنَّهُ تَنْزِيلٌ مِنْ حَمِيدٍ، وَالْحَمِيدُ هُوَ الْمَحْمُودُ حَمْدًا كَثِيرًا، أَيْ
مُسْتَحِقٌّ الْحَمْدَ الْكَثِيرَ، فَالْكَلَامُ الْمُنَزَّلُ مِنْهُ يَسْتَحِقُّ الْحَمْدَ وَإِنَّمَا يُحْمَدُ الْكَلَامُ إِذْ يَكُونُ دَلِيلًا لِلْخَيْرَاتِ وَسَائِقًا إِلَيْهَا لَا مَطْعَنَ فِي لَفْظِهِ وَلَا فِي مَعْنَاهُ، فَيَحْمَدُهُ سَامِعُهُ كَثِيرًا لِأَنَّهُ يَجِدُهُ مَجْلَبَةً لِلْخَيْرِ الْكَثِيرِ، وَيُحْمَدُ قَائِلُهُ لَا مَحَالَةَ خِلَافًا لِلْمُشْرِكِينَ.
وَفِي إِجْرَاءِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ إِيمَاءٌ إِلَى حَمَاقَةِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِهَذَا الْقُرْآنِ وَسَفَاهَةِ آرَائِهِمْ إِذْ فَرَّطُوا فِيهِ فَفَرَّطُوا فِي أَسْبَابِ فَوْزِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلِذَلِكَ جِيءَ بِجُمْلَةِ الْحَالِ مِنَ الْكِتَابِ عَقِبَ ذِكْرِ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاهُ فَقَالَ: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ الْآيَاتِ.
[43]

[سُورَة فصلت (41) : آيَة 43]
مَا يُقالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (43)
مَا يُقالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ.
اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ جَوَابٌ لِسُؤَالٍ يُثِيرُهُ قَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا [فصلت: 40] ، وَقَوْلُهُ: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ [فصلت: 41] وَمَا تَخَلَّلَ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْصَافِ فَيَقُولُ سَائِلٌ: فَمَا بَالُ هَؤُلَاءِ طَعَنُوا فِيهِ؟ فَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ سُنَّةُ الْأَنْبِيَاءِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 24  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست